نتساءل دائما عن سر نجاح الكثير من الأشخاص في حياتهم وأعمالهم، وسر توفيقهم في الكثير من المشاريع الحياتية والعملية.
وغالبا ما ينسب هذا النجاح الى قدرتهم على اتخاذ القرار الصحيح، بالطريقة الصحيحة وفي الوقت المناسب ووفق البديل الأمثل ولهذه القدرة دور كبير وحاسم في تقدمهم علميا ووظيفيا واجتماعيا …
فكيف يمكن اكتساب هذه المهارة المتقدمة، وما دورها في خلق ممكنات النجاح والتقدم؟
وتعد عملية اتخاذ القرارات في صورتها البسيطة هي مجرد اختيار موفق بين أمرين أو أكثر، بينما تقول أدبيات علم الإدارة بأن عملية اتخاذ القرار هي عملية اختيار مدروسة لأحد المقترحات أو البدائل المتاحة، حيث تقوم هذه العملية وفقا لتحليل شامل ودقيق للموقف أو المشكلة التي يجب اتخاذ القرار بشأنها، وللبدء في عملية اتخاذ القرار يجدر بأن يتوفر لدى متخذه عاملين أساسيين:
أولا: الحدس أو التنبؤ أو الشعور الغريزي أو ما يسمى بالحاسة السادسة، وقد يراه البعض أمرا خارجا أو محصورا على فئة معينة من الناس ، ولكنه في واقع الأمر ليس الا محصلة لمزيج من الخبرات الواسعة والتجارب التراكمية والثقافة والمعرفة العالية.
ثانيا: المنطق وهو استخدام لغة الأرقام الدقيقة، والحقائق المكتوبة، والمعلومات الدقيقة وكلا العاملين لهما نفس الأهمية ونفس درجة المساهمة في نجاح القرار
وحين نتساءل أيهما أهم، ففي الحقيقة أن الحدس والمنطق عاملان متلازمان ولابد من خلق توازن عالي بينهما لاتخاذ قرارات سليمة وصحيحة.
ولطالما تعلمنا في كتب الإدارة وادبياتها ونظرياتها مراحل اتخاذ القرار وترتيب هذه المراحل وتكاملها وأهمية كل مرحلة وأن تأخذ حقها من الدراسة والعمل قبل الانتقال الى المرحلة التي تليها مباشرة.
ولعل أول مرحلة في عملية اتخاذ القرار هي أصعب مرحلة وأكثرها حيرة وبحثا وسعيا خلف ماهية المشكلة..
هذه المرحلة التي تجعل متخذ القرار يبحث مليا مع نفسه أو فريقه أو مستشاريه عن المشكلة الأساسية ويحاول أن يحددها بشكل دقيق، ويصف الاضطراب او الاشكال او المشكلة أو التحدي .. وهذه المرحلة تحديدا تتطلب التأني والبحث والاطلاع على كافة المعطيات للخروج بتحديد دقيق للمشكلة.
المرحلة الثانية هي مرحلة جمع المعلومات.
يتوقف نجاح عملية اتخاذ القرار بشكل كبير على هذه المرحلة وهي مرحلة جمع الكثير من المعلومات والبيانات اللازمة من مصادرها، والحرص على أن تكون هذه المعلومات دقيقة وحديثة ومن مصادر موثوقة، حيث أن هذه المعلومات والبيانات تعتبر قاعدة قوية لكافة المراحل التالية في عملية اتخاذ القرارات، فكلما استزدنا في عملية جمع المعلومات كلما أصبحت الرؤية أفضل وأكثر دقة..
المرحلة الثالثة هي مرحلة تحديد الحلول أو البدائل أو وسائل العلاج وجمع البيانات والمعلومات عنها ورصد هذه الحلول في قائمة ترتب بشكل متسلسل حسب فاعلية الحل أو إيجابيات وسلبيات البدائل، وتقييم الخيارات المطروحة وفق محددات دقيقة ترتب هذه الحلول من الأكثر فعالية الى الأدنى
المرحلة الرابعة وهي مرحلة مصيرية يتم خلالها تقييم ووزن البدائل لاختيار الحل الأمثل والأنسب والأكثر فعالية، ولابد من اختيار حلّ واحد من اثنين، أو بديل من بديلين، هما محصلة عملية التقييم والفرز، والتحقق من أن هذا البديل هو الأمثل والأنجع لمعالجة المشكلة، ويذهب المتمرسون في عملية اتخاذ القرار الى رصد عيوب ومشاكل هذا الحل كنوع من التنبؤ وبعد النظر.
المرحلة الخامسة مرحلة اتخاذ القرار
بعد عملية اختيار البديل المناسب تأتي عملية التنفيذ، وعملية تطبيق الحل على أرض الواقع، واختبار البديل تطبيقيا، حيث يقوم متخذ القرار بتطبيقه ومتابعة ما يترتب على تطبيقه، مع إعطاء فرق العمل أو المرؤوسين آليه واضحة وإجراءات تفصيلية أثناء عملية التطبيق، وتوزيع هذه العملية على أفراد معينين أو إدارات معينة قبل تعميمه على الجميع..
المرحلة السادسة المتابعة والمراقبة
بعد مرحلة التطبيق واتخاذ القرار تأتي مرحلة في غاية الأهمية وهي مرحلة المتابعة، حيث تقدم التقارير التي تتابع عملية التطبيق، سير التقدم في الإنجازات، والسلاسة في التطبيق، وتراقب ظهور الآثار السلبية أو الإيجابية، وبروز نقاط القوة والضعف، ومدى كفاءة هذا القرار في معالجة المشكلة القائمة، وفي حال تحقق النتائج المرجوة بشكل واضح يعد هذا القرار قرار صائبا سليما بني على قواعد متينه، أما في حال عدم تحقق النتائج من القرار فيجب إعادة هيكلة قرارات بديلة وتصحيحيّة من البدائل التي سبق طرحها أو استحداث بائل جديدة حتى الوصول للقرار المناسب ..