أخبار

الأعوام المائة القادمة

لا تحتاج الولايات المتحدة إلى الانتصار في الحروب. ما تحتاجه بكل بساطة هو إغراق الآخرين في الفوضى بحيث لا يمكن لهم إعادة إنتاج ما يكفي من القوة بحيث تشكل تحديا لها.

سوف يشهد القرن الحادي والعشرون حروبا أكثر مما شهده القرن العشرون، إلا أن هذه الحروب سوف تكون أقل كارثية وذلك بسبب المتغيرات التكنولوجية وأيضا بسبب طبيعة التحديات الجيوسياسية.

تعيد روسيا بناء فضاء نفوذها، ويشكل فضاء النفوذ هذا تحديا لا مفر منه بالنسبة للولايات المتحدة.

سوف يتحرك الروس غربا باتجاه السهوب الشاسعة في شمال أوروبا. وفي الوقت الذي تعيد روسيا بناء قوتها، فإنها سوف تكون في مواجهة مع حلف شمال الأطلسي، الناتو، الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة.

تخيلوا أنكم كنتم على قيد الحياة عام 1900، وأنكم كنتم تسكنون في لندن التي كانت حينها عاصمة العالم. كانت أوروبا تحكم نصف الكرة الأرضية الشرقي. كل ذلك الجزء من العالم تقريباً، كان محكوما بصورة مباشرة أو غير مباشرة من قبل إحدى العواصم الأوروبية. كانت أوروبا حينها تنعم بالسلام وتتمتع بازدهار لم تعهد مثله في تاريخها. كان اعتماد الأوروبيين على بعضهم بعضا بسبب التجارة والاستثمارات هائلا لدرجة دفعت بعقلائهم إلى الزعم بأن وقوع حرب جديدة أصبح مستحيل الحدوث – أو أنه إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن مثل هـذه الحرب ستنتهي حكما خلال أسابيع قليلة على بدايتها – لأن الأسواق المالية العالمية لا يمكن أن ت تحمل مثل هذا التوتر.

بدأ المستقبل حينها محسوماً : أوروبا المزدهرة والتي تنعم بالسلام والأمن هي التي ستحكم العالم.

تخيّلوا أنفسكم الآن فيصيف عام 1920. أوروبا تمزقت إلى أشلاء بعد حرب موجعة. كانت القارة ممزقة الأوصال. بادتِ الإمبراطوريات النمساوية والهنغارية والروسية والألمانية والعثمانية وقتلت الملايين من البشر في حرب استعرت لسنوات عـدة. وضعت الحرب أوزارهـا فقط بعد أن تدخل الجيش الأمريكي المكوّن من مليون رجل- وهو الجيش الذي تدخل بسرعة وانسحب كما تدخل.

سيطرت الشيوعية على روسيا، ولكن لم يكن واضحا مدى قدرتها على البقاء والاستمرار. برزت دول على تخوم القوة الأوروبية مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابـان كقـوی عظمي. لكن شيئا واحداً كان في حكم المؤكـد، وهـو أن معاهدة السلام التي تم فرضها على ألمانيا ضمنت أن هذه الأخيرة لن تبرز من جديد كقوة عظمی.

عودوا بذاكرتكم إلى صيف عام 1940. فألمانيا حينها لم تنهض مجددا وحسب، لا بل غزت فرنسا واحتلتها واستولت على أوروبا. نجت الشيوعية من هذا الاحتلال وتحالف الاتحاد السوفييتي مع ألمانيا النازيـة. وحدها بريطانيا العظمی هي التي وقفت في وجه ألمانيا، وقد أجمع معظم العقلاء حينها أن الحرب قد وضعت أوزارها. ولو لم تكن هناك حقبة للرايخ سبق أن امتدت لألف عام، لكان من المؤكد أن مصير أوروبا قد تقرر لقرن كامل قادم؛ ولكانت ألمانيا بسطت سيطرتها على أوروبا وورثت إمبراطوريتها.

تخيلوا الآن صيف عام 1960. فقد تعرضت ألمانيا إلى عملية تدمير هائل في الحرب العالمية الثانية وهزمت شر هزيمة بعد خمسة أعوام من تلك الحرب. تم احتلال أوروبا وتقسيمها مناصفة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. كانت الإمبراطوريات الأوروبية تتهـاوى، وكانت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي يتنافسان على إرث تلـك الإمبراطوريات. أحاطت الولايات المتحدة الاتحاد السوفييتي بكتلة هائلة من الأسلحة النووية وكان بإمكانها الفتك به خلال ساعات. برزت الولايات المتحدة حينها كقوة عالمية عظمي. فقد بسطت سيطرتها على كافة المحيطات في الكرة الأرضية، وكان باستطاعتها من خلالها قدراتها النووية إملاء شروطها على كل دول العالم. أفضل ما كان الاتحاد السوفييتي يأمل في تحقيقه هو الإبقاء على الوضع كمـا هـو – إلا إذا فكر السوفييت في غزو ألمانيا واحتلال أوروبـا بأكملها. تلك كانت الحرب التي كان الجميع يخطط ويتهيأ لها. وكان يدور في خُلدالجميع حينها أن الصين الماوية التي كان يُنظرُ إليها باعتبارها بؤرة للتعصب والتشدد، هي الخطر الآخر.

تخيلوا الآن صيف عام 1980. الولايات المتحدة تعرضت لهزيمة نكراء في حرب الأعوام السبعة، ليس على يد الاتحاد السوفييتي بل على يد فيتنام الشيوعية. وجدت الأمة الأمريكية نفسها، ورآها العالم أجمع في حال من التقهقر. فقد تم طردها من فيتنام، وبعد ذلك تم طردها شر طرد من إيران أيضا حيث ما عاد بمقدورها التحكم بآبار النفط هناك، وقد بدا أن تلك الآبار قد أصبحت بعهدة الاتحاد السوفييتي. قامت الولايات المتحدة بإبرام حلف مع الصين الماوية وذلك من أجل احتواء الاتحاد السوفييتي – فقد جرى لقاء ودي جمع رئيس الولايات المتحدة مع الزعيم الصيني في بيجين، العاصمة الصينية. ولقد بدا وكأن هذا الحلف أدى إلى احتواء الاتحاد السوفييتي القوي، والذي كانت قدراته تتعاظم باطراد.

تخيّلوا الآن صيف عام 2000. لقد انهار الاتحاد السوفييتي بالكامل.

الصين ما زالت شيوعية بالاسم فقط، لكنها تحولت إلى دولة رأسمالية في الواقع. تقدم حلف شمال الأطلسى، الناتو، باتجاه أوروبا الشرقية، وحتى إلى داخل الدول التي كانت ضمن حدود الاتحاد السوفييتي السابق. كان العالم مزدهرا وينعم بالسلام. وقد كان الجميع يعلم أن الاعتبارات الجيوسياسية أضحت ثانوية مقابل الاعتبارات الاقتصادية؛ أما المشكلات فكانت ذات طابع إقليمي محض، وكان من السهل احتواؤها مثل مشكلتي هاييتي أو كوسوفو. وقعت بعد ذلك أحداث الحادي عشر من شهر أيلول، سبتمبر، 2001؛ حينما وقف العالم بأسره على رأسه مرة أخرى. عندما يتعلق الأمر بالمستقبل بمعنى من المعاني، فإن الشيء الوحيد المؤكد هو أن المنطق العام سوف لن يحظى بأية مصداقية. سوف لن تكون هناك دورة سحرية مدتها عشرون عاما؛ ولن تكون هناك قوة على درجة من البساطة يمكن لها أن تتحكم بهذا النموذج. يتمثل الأمر بكل بساطة في أن ما يبدو على أنه يتسم بالديمومة والقدرة على السيطرة في أية لحظة من لحظات التاريخ يمكن له أن يفرض أي تغيير بسرعة تبعث على الدهشة.

الحقب التاريخية تسود ثم تبيد. الشكل الذي يبدو عليه العالم الآن في مجال العلاقات الدولية، لن يكون كذلك البتة، بعد عشرين عاما، أو حتى قبل ذلك. كان من الصعب تخيل سقوط الاتحاد السوفييتي، وهذا هو بالضبط ما نعنيه هنا.

يعاني التحليل السياسي التقليدي من فشل ذریع في قدرته على تفعيل مخيلته؛ ذلك أنه يظن أن الغيوم العابرة باقية في مكانها إلى الأبد، لأنه يعاني من عماء بشأن التحولات القوية والبعيدة المدى التي تحدث في كافة أنحاء العالم.

لو كنا نعيش في بداية القرن العشرين، لكان من المستحيل علينا أن نستشرف الأحداث التي سبق لي أن أشرت إليها. إلا أن هناك أحداثا كان من الممكن التنبؤ بوقوعها، وهو ما تم بالفعل. لقد كان من الواضح على سبيل المثال، أن ألمانيا التي توحدت عام 1871، كانت قوة رئيسية تطمح إلى إعادة تعريف معايير النظامين الأوروبي والعالمي، إلا أنها كانت غير آمنة لأنها كانت محصورة بين فكي كماشة تمثلت حينها بكل من روسيا وفرنسا. هذا ما يفسر لماذا كانت معظم الصراعات التي وقعت في النصف الأول من القرن العشرين تتمحور حول موقع ألمانيا ودورهافي أوروبا. وبالرغم من أن أحدا لم يكن بمقدوره التنبؤ بموعد أو مكان وقوع الحروب، إلا أن إمكانية وقوع تلك الحروب قد تم استشرافها من قبل العديد من الأوروبيين.

أما الجزء الأشد صعوبة في هذه المعادلة، فقد تمثل في عدم القدرة على استشراف الكم الہائل من الدمار الذي سوف ينجم عن تلك الحروب، والفشل في التنبؤ بأنه في أعقاب الحربين العالميتين الأولى والثانية، سوف تفقد أوروبا إمبراطوريتها. ولكن كان هناك من توقع خصوصا بعد اختراع الديناميت، أن عواقب كارثية سوف تنجم عن هذه الحروب. ولو تزامن استشراف ما ستؤول إليه حال التكنولوجيا مع علم الجغرافيا السياسية Geopolitics، لكان من الممكن التنبؤ بتشظي أوروبا إلى كيانات عديدة. كان بحكم المؤكد بروز كل من روسيا والولايات المتحدة كقوتين عظميين في القرن العشرين. فقد تكهن كل من أليكسس دو توكيفيل Alexsis de Tocqueville وفریدريك نيتشه ببروز هاتين الدولتين كقوتين عظميين. وهكذا فقد كان من الممكن ونحن نقف على أعتاب القرن العشرين، تكهن وقوع أحداثه بالخطوط العريضة بمساعدة القليل من الحظ، وكذلك من خلال أخذ بعض الضوابط بعين الاعتبار.

بالوقوف على أعتاب القرن الحادي والعشرين، فإننا نحتاج إلى تحديد حدث مفصلي يسيم هـذا القرن. فبعد أن تمت عملية تنظيـف شـظايا أو مخلفات الإمبراطورية الأوروبية، إضافة إلى ما تبقى من الاتحاد السوفييتي، لم تبق هناك سوى قوة وحيدة فقط تهيمن بسطوتها على المشهد الدولي برمته، تلك القوة هي الولايات المتحدة الأمريكية. ما من شك في أن الولايات المتحدة تنشر الفوضي في مختلف أنحاء العالم في الوقت الراهن. إلا أن من المهم أيضا، ألا يتم الخلط بين ذلك وبين الفوضى العابرة. فالولايات المتحدة هي أقوى دولة في العالم على الصعد الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وليس هناك من متحَد حقيقي لهذه القوة.

وكما كانت عليه الحال في مسألة الحرب الأمريكية الإسبانية، لن يكون بعد مائة عام من الآن مـن يتذكر إلا بالكاد، الحرب الدائرة بين الولايات المتحدة والإسلامويين المتطرفين، بغض النظر عن العواطف السائدة الميالة إلى هذا الطرف أو ذاك، في ذلك الزمن.

شهدت الولايات المتحدة منذ اندلاع الحرب الأهلية فورة اقتصادية هائلة. فقد تحولت من بلد نام هامشي إلى اقتصاد أكبرمن اقتصادات الدول الأربع مجتمعة.

كما انتقلت على الصعيد العسكرى من قوة يكاد لا يحسب لها حسابا، إلى قوة هيمنت ولا تزال على العالم.

أما من الناحية السياسية، فإن الولايات المتحدة تحشر أنفها فعليا في كل شيء، بقصدر أحيانا، وفي أحيان أخرى بسبب حضورها الطاغي على المسرح العالمي. سوف يتراءى لكم وأنتم تتصفحون هذا الكتاب أنه يسوق للمركزية الأمريكية، وأنه كتِب من وجهة النظر الأمريكية. ربما كان ذلـك صحيحاً، إلا أن نقطة الارتكـاز لأطروحة هذا الكتاب هي أن العالم في حقيقة الأمر، يتمحور حول الولايات المتحدة الأمريكية.

هذا لا يُعزی فقط إلى القوة الأمريكية، بـل إلى التحول الأساسي الذي يتبدى في السلوك الدولي. لقد كانت أوروبا على امتداد الخمسمائة عام المنصرمة تعتبر محور النظام الدولي، وقد أسست إمبراطورياتها لنظام عالمي واحد ووحيد، وذلك للمرة الأولى في تاريخ البشرية. وكانت الطريق الرئيسية إلى أوروبا تمر عبر شمال المحيط الأطلسي. وكان فقط من يتمتع بالقدرة على السيطرة على شمال المحيط الأطلسي يستطيع أن يلِجَ إلى أوروبا، ومـن خلالها يستطيع الولوج إلي العالم بأسره. هكذا تم التحكم بمفاتيح جغرافية السياسة العالمية.

ثم، في أوائل ثمانينيات القرن العشرين، حدث شيء لافت. فلأول مرة في التاريخ، حدث توازن بين التجارة عبر المحيط الهادي وبين التجارة عبر المحيط الأطلسي. ومع تحول أوروبا في أعقـاب الحرب العالمية الثانية إلى مجموعة من القوى الهامشية والثانوية، والتحـول في أنماط التجارة الدولية، لم يعد شمال الأطلسي المفتاح الوحيد لأي شيء. الآن، أية دولة تتحكم بكل من شمال الأطلسي والمحيط الهادي، تستطيع إن شـاءت، التحكم بنظام التجارة العالمي؛ وبالتالي، بالاقتصاد العالمي. في القرن الحادي والعشرين، تستطيع الدولة المشاطئة لهذين المحيطين التمتع بمزايا هائلة.

إذا أخذنا بعين الاعتبار كلفة بناء قوة بحرية، والكلفة الهائلة لنشرها في المياه الدولية، فإن القوة المسيطرة على هذين المحيطين ستكون اللاعب الأبرز في النظام العالمي لنفس السبب الذي جعل من بريطانيا القوة المسيطرة الأعظم في القرن التاسع عشر؛ فقد استوطنت البحر الذي كان عليها أن تسيطر عليه. بهذا المعنى يمكن القول إن أمريكا الشمالية حلت مكان أوروبا كمركز للثقل في العالم؛ وعليه، فإن من يتحكم بأمريكا الشمالية يضمن لنفسه تبوء موقع القوة العالمية المهيمنة؛ وهو ما ينطبق بكل تأكيد على الولايات المتحدة، أقله في القرن الحادي والعشرين.

إن القوة الہائلة التي تتمتع بها الولايات المتحدة المرافقة لموقعها الجغرافي المميز يجعل منها اللاعب المحوري في القرن الحادي والعشرين. إلا أن هذا لا يجعلها موضع محبة الآخرين بالتأكيد. على العكس من ذلك، فالقوة التي تتمتع بها تجعلها مصدر خوف. ولذا، فإن تاريخ القرن الحـادي والعشرين، أو على الأقل، النصف الأول منه، سوف يتمحور حول نوعين متناقضین من الصراع. يتمثل الأول في قيام قوى ثانوية بتشكيل ائتلافات في محاولة منها لاحتواء هيمنة الولايات المتحدة؛ أما الثاني فيتمثل في قيام الولايات المتحدة بحركة استباقية لمنع تشكيل أي ائتلاف محتمل ضدها.

لو ألقينا نظرة على بداية القرن الحادي والعشرين، أي بزوغ فجر العصر الأمريكي (الذي أعقب العصر الأوروبي)، لرأينا أنه بدأ بمجموعة من الإسلاميين الذين سعوا إلى إحياء عصر الخلافة: أي الإمبراطورية الإسلامية العظمى التي امتدت يوما ما، من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي. وكان لابد لهم بداية، في سبيل القيام بهذا المشروع من توجيه ضربة إلى الولايات المتحدة في محاولة منهم جر القوة الأعظم في العـالم إلى خـوض حـرب معهم وكانوا يهدفون من وراء ذلك إلى إبراز نقاط الضعف الأمريكية من أجل استنهاض انتفاضة إسلامية تحقق هدفهم المنشود. ردت الولايات المتحدة بغزو العالم الإسلامي. لكن هدفها من تلك الحرب لم يكن تحقيق انتصار. لم يكن حينها يعرف ماذا كانت تعنيه كلمة انتصار‘. كان هدف تلك الحرب إحداث خلخلة في العالم الإسلامي وجعله ينقلب على بعضه بعضا؛ وبهذه الطريقة، لن تكون هناك فرصة مطلقا لاحتمال قيام إمبراطورية إسلامية.

لا تحتاج الولايات المتحدة إلى الانتصار في الحروب. ما تحتاجه بكل بساطة هو إغراق الآخرين في الفوضى بحيث لا يمكن لهم إعادة إنتاج ما يكفي من القوة بحيث تشكل تحديا لها.

سوف يشهد القرن الحادي والعشرون في أحد مستوياته سلسلة من المواجهات تخوضها قوى أقل شأنا وذلك في معرض محاولتها تشكيل ائتلاف يهدف إلى احتواء السلوك الأمريكي وعمليات الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية الهادفة إلى التشويش عليها. سوف يشهد القرن الحادي والعشرون حروبا أكثر مما شهده القرن العشرون، إلا أن هذه الحروب سوف تكون أقل كارثية وذلك بسبب المتغيرات التكنولوجية وأيضا بسبب طبيعة التحديات الجيوسياسية.

كما لاحظنا سابقا، فإن التغيرات التي تؤدى إلى الحقبة القادمة ستكون مفاجئة إلى درجة الصدمة؛ ولن تكون الأعوام العشرون القادمة من القرن الحادي والعشرين استثناء لذلك. فالحرب الدائرة بين الولايات المتحدة والإسلاميين هي في نهاياتها، أما الصراع التالي فهو قريب جدا منا.

تعيد روسيا بناء فضاء نفوذها، ويشكل فضاء النفوذ هذا تحديا لا مفر منه بالنسبة للولايات المتحدة.

سوف يتحرك الروس غربا باتجاه السهوب الشاسعة في شمال أوروبا. وفي الوقت الذي تعيد روسيا بناء قوتها، فإنها سوف تكون في مواجهة مع حلف شمال الأطلسي، الناتو، الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة. أما ميدان تلك المواجهة فسيكون في دول البلطيق الثلاث: إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، إضافة إلى بولندا.

ستكون هناك أيضا عدة نقاط مواجهة في أوائل القرن الحادي والعشرين؛ لكن هذه الحرب الباردة الجديدة سوف تكون نقطة الوميض بعد انتهاء الحرب بين الولايات المتحدة والإسلاميين.

 

طالع بقية الكتاب pdf في الرابط التالي

الأعوام المائة القادمة استشراف للقرن الحادي والعشرين – جورج فريدمان

إغلاق