مقالات

هرم ( حاسلو ) للضغوط ..! 

بقلم: أحمد سليمان النجار

مامن أمرٍ في الحياة إلا ويحتاجُ لجُهد , ومامن جُهدٍ إلا وينشأ عنه ضغط , ومامن ضغطٍ إلا ويستهلك طاقةً , ولأن درجات الجهود والضغوط تتفاوت وبالتالي كمية الطاقة المُستهلكة تختلف , ولأن الطاقة هي المُحرك للإنسان , ولأن البشر تختلف في تعاملها مع الضغوط , ولأن هناك ضغوط سلبية وضغوط إيجابية , ولأن هناك علاقة طردية بين درجة الجهد والضغط وبين جودة حياة الإنسان , ولأني أكثرت من (لأن) فسأدخل في الموضوع مباشرة ..!!

على غرار هرم ( ماسلو ) الشهير , فكرت في تصميم هرم للضغوط يُعينني – بعد الله – على شرح فكرتي , ففن إدارة الضغوط والتعامل معها , هو أيضاً علم حيوي مؤثر للغاية , والإدارة الناجحة – في أي مجال – هي التي تعي ذلك الأمر وتسعى جاهدةً للسيطرة عليها وتخفيف آثارها السلبية ..

🟨 أولاً : الضغط البدني الجسدي

وهو الأصل في كل جهد , والضغط الناشئ عن هذا الجهد – على غير مايظن الكثير – مهما عَظُمَ واشتد , يظل أهون الضغوط على الاطلاق , فقد تجد عاملاً يعمل تحت الشمس الحارقة عملاً مُتعباً للغاية , ولكنه سعيد ..!!

🟧 ثانياً : الضغط العقلي الذهني

وهذا النوع من الضغوط لايَلتفتُ له كثير من الناس , وهو – وهذه حقيقة – أشد وبكثير من الضغط البدني الجسدي , فلذلك تجد كثيراً من المُفكرين يميلون للكسل والخمول وعدم الرغبة في العمل , أو إتمام العمل حتى آخره , وكذلك تجد الفوضى هي السمة الغالبة في حياتهم بشكل كبير , ومايتبع ذلك من تأجيل وتسويف ..!!

وقبل أن يضع شخص ما ساقاً على أخرى , ويتنفس الصعداء , ويقول لنفسه :

أهااااااا , الآن فقط فسرت ماأنا فيه من كسل وخمول ..!! – قبل ذلك – لابد أن أوضح أن هذا النوع من الكسل هو نتاج فقدان الطاقة بعد الجهد العقلي والذهني , ولكن هناك من يعانون من كل ذلك لأنهم – فعلاً – كسلى وخاملين ومسوفين , لأسباب مختلفة كثيرة غير الجهد الذهني العقلي ..!

ومن هنا ظهر بعض الأشخاص من الجنسين , ممن يجدون حلاً عبقرياً لكل مشكلة تُعرَضُ عليهم , ولكنهم – وفي نفس الوقت – قد تجدهم يمرون بنفس المشكلة ولم يحلوها – مالك الحزين – وتفسير ذلك – باختصار – أنهم ( مافيهم حيل ) ينفذون الحل , فقد استنزف التفكير طاقاتهم , ولايملكون قدرة على الجمع بين جهدي التفكير والجهد البدني ..!!

ودائمأً أقول :

وفر لهم سريراً وطعاماً وشراباً , وكلفهم بإيجاد أفكار عبقرية وحلول ذكية لكثير من المشاكل , وسيدهشوك بإبداعهم وعبقريتهم , لكن – إياك إياك – أن تطلب منهم جهداً بدنياً , ثق أنك حينها ستسخرهم ..!!

صحيح أنه قد تجد من يجمع بين الجهدين , ولكنه نادر للغاية ..!!

 

🟥 ثالثاً : الضغط النفسي العصبي

وهذا النوع من الضغوط هو الأشرس والأخطر والأشد ضرراً بين كل الضغوط , وللأسف أن طبيعة بعض المهن تحوي ضغطاً عصبياً ونفسياً بدرجة عالية , وهذه تحتاج إلى تعامل خاص للغاية ..

 

📢والآن سيداتي آنساتي سادتي أرجوكم رحبوا معي بالعم ( حاسلو ) صاحب الهرم ..

( حاسلو ) هو شخص أو مجموعة أشخاص موجودون في مواقع إتخاذ القرار في عملٍ ما , فيتخذون قراراً أو أكثر , إما بغباء أو لأنهم منفصلون عن الواقع وحالمون ولم يبنوا قرارهم على أرضية صلبة من دراسة ومعلومات , أو لأنهم منعزلون عن الميدان في أبراج مكتبية عاجية ..!!

وقد يكون ( حاسلو ) يشغل عملاً إدارياً , ويكون سيئاً ويملك قدرة خارقة على تحويل بيئة العمل إلى حقل ألغام , ويجعل التوتر والضيق والقلق والانفعال عنواناً لبيئة العمل التي تقع تحت إدارته ..!!

هذان الصنفان , هما من ( يحوسا ) هرم الضغوط , ويحولان العمل من جهد بدني أو حتى ذهني إلى جهد نفسي عصبي , دون وجود حاجةٍ حقيقة لذلك – مثل بعض المهن التي ذكرناها سابقاً – فيستنزفا طاقة العاملين بالحد الأعلى , فيقل الإنتاج أو حتى يختفي ..!!

ويصبح – في أحسن الأحوال – الأداء صورياً في معظمه , ملتزماً بالحد الأدني من المطلوب , دون إبداع وإضافة من أي نوع ..!!

 

وهنا – تحديداً – يأتي فن إدراة الضغوط والتعامل معها , عبر منظومة ذكية من التقدير الحقيقي – المادي والمعنوي – والإشراك الفعلي – قراراً وتنفيذاً – فهم يعلمون ماذا يفعلون ولماذا يفعلونه ؟, وحُسن اختيار من يشغلون الأماكن الإدارية على أساس مبني على تمتعهم بذكاء عاطفي وسلامة نفسية , وتمتعهم كذلك بمهنية عالية تمكنهم من جعل الاحترام والحب والهدوء والثقة والمبادرة والمرونة والشفافية عنواناً لبيئة العمل التي تقع تحت إدارتهم ..!!

معنى ( يحوس ) :

قال الأصمعي: يقال: تركتُ فلاناً يَحوسُ بني فلان, أي يتخلّلهم ويَطلُب فيهم وذلك في الحرب والقتال , والذئب يَحُوسُ الغنم , أي يتخلّلها ويفرِّقها !!

💡من أجمل الكتب التي قرأتها حول ذلك :

كتاب :

لماذا لا يصاب حمار الوحش بقرحة المعدة ؟

تأليف: روبرت م. ساپولسكي

أحمد سليمان النجار

إغلاق