أخبار
سوق العمل السعودي ليس حكراً على السعوديين
نشرت هذا العنوان في تويتر بتاريخ 27/7/2022 وزدت عليه بأن “الكفاءة تكون المعيار الأول والأولوية للسعوديين، وغير هذا الكلام نقلب السوق إلى جمعية تعاونية”.
بادئ ذي بدء أعترف بأنها مستفزة وصريحة ويراها كثر وقحة ولكنها حقيقة، تقال في غرف مغلقة مظلمة ويجبن غالبية مرتاديها من أصحاب المواقع المنتفخة جماهيرياً ومادياً في المجاهرة بها، ولم يكتف هؤلاء بالسكوت بل حرفوا كلامي لغاية في أنفسهم ويحضرني هنا قول الشاعر محمد بن الحسين الموسوي:
وهم نقلوا عني الذي لم أفه به
وما آفة الأخبار إلا رواتها
وأجد نفسي مدينًا بشرح لأناس سببت لهم ضيقاً وتركت لديهم انطباعًا بأنني ضد السعودة وأقف في طريق حصولهم على الوظائف المتاحة أو التي كانت متاحة وذهبت لغيرهم دون وجه حق.
غالبية الردود الغاضبة كانت بسبب استخدامي لكلمتي “حكر” و”الكفاءة”. تعني الأولى “ملكَهُ لنفسه دون غيره” وهذا مبدأ أناني محارب من قبل الأنظمة الدولية لمنع تحكّم فئة بأسعار سلع أساسية مثل السكر أو الأرز أو النفط. أما كلمة الكفاءة فتعريفها حسب قاموس المعاني هو القدرة على العمل وحسن تصريفه، تجدها بسهولة في السعودي وغيره خاصة ممن تلقوا تعليماً نظامياً جيدًا. ما حدث أن غالبية المغردين ظنوا، بتأثير الحسابات المليونية، أنني أجرد الكفاءة من السعودي وهذا إما بسبب ضبابية الصياغة للتغريدة أو بسبب الانفعال السريع والذي أصبح عادة ابتلي بها مغردو تويتر أنا أحدهم.
ونظرة تاريخية لسوق العمل السعودي نجد أنه لم يكن أصلاً حكراً على السعوديين منذ عهد المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- والذي استعان بعدد من النخبويين من الأقطار المجاورة ليس المجال لذكرهم وذلك لشح الإمكانات البشرية آنذاك وما تحتاجه البلاد للتعامل سياسياً واقتصادياً مع العالم. وربما أصدمكم بحقيقة أنه -أيضاً- لن يكون في المستقبل حكراً على السعوديين؛ لأن التوجه العام ضمن رؤية السعودية 2030 هو استقطاب الاستثمار الأجنبي والانفتاح على العالم أكثر، ما يعني بشكل جلي أن يكافح وينافس المواطن للحصول على الوظائف مع بقاء أفضلية لهم حسب النظام القائم.
لا يوجد بلد خالٍ من العمالة الأجنبية مع اختلاف النسب وحسب توفر الأيدي العاملة، فعلى سبيل المثال نسب غير المصريين في سوق العمل المصري أقل بكثير من نسب غير السعوديين في السوق السعودي، ونفس الحال مع أسواق العمل الأوروبية وبالتالي تختلف قوانين الأسواق وضوابطها، فما يطبق في مصر لا يمكن تطبيقه هنا وما يطبق هنا لا يمكن تطبيقه في أوروبا وهلم جرا.
وإذا اتفقنا على أن غالبية السعوديين أكفاء حسب التعريف الذي أتينا على ذكره فأنا قلت بصريح العبارة إنه يجب إعطاء الأولوية للسعوديين، وتمنح لغيره في حال عدم توفره، معادلة تطبقها كل دول العالم، ولم أخرجها من جيبي.
من عارض كلامي في أن الكفاءة تكون المعيار الأول وقع في فخ ظنيٍّ بأن السعودي تنقصه الكفاءة وهذا قطعاً غير صحيح ولم أقله وربما اختلط عليهم الأمر بين الكفاءة والخبرة، حيث إن الثانية فقط ما يحتاجه الخريجون السعوديون، وهذا دور وزارة الموارد البشرية في مراجعة شروط الخبرة التعجيزية التي تفرضها بعض الشركات والمؤسسات، ولا يجب إغفال تقصير المؤسسات التعليمية في تنمية المهارات الأساسية، فالشهادة حسب رأي الزميل والكاتب الاقتصادي وائل مهدي لا تعني شيئاً سوى أن المتخرج لديه حد أدنى من المعلومات، وليس المهارات.
وإذا أردنا الإنصاف، ماذا سيكون رأي المعترضين على كلامي لو كانوا مكان هذه الشركات والمؤسسات الربحية؟ حتماً سيكون موقفهم مختلفاً؛ لأنهم سيبحثون عن الموظف الأكثر إنتاجاً بغض النظر عن جنسيته.
وأود أن أختم حديثي عن فنزويلا، بلد غني بالنفط ومن أسوأ الدول إدارة لمواردها الطبيعية والبشرية، تطبق مقولة “اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب” بحرفية لا تحسد عليها، فلا خطط تنموية ولا استثمارات أجنبية، تستنزف ميزانياتها يمنة ويسرة على خدمات اجتماعية لا تحصى حتى غدت مُدينة متخلفة، تركت وراءها شعباً كسولاً متراخياً اتكالياً، ولا أريد لبلادي أن تصبح فنزويلا أخرى.
المصدر : عناوين